تقرير الذي تابعته وترجمته صحيفة المرصد نقل عن بلحاج ذو الـ51 عاماً والذي تم إدماجه قوله عن أيام القتال في ليبيا بأن أسلوب تفكيره في تلك الأيام لا يمثل إنعكاساً لطريقة التفكير الآن فيما لن ينسى الليبيون القاطنون في دولة تغول فيها تنظيم “داعش” وتحاول مكافحة ذلك وتشكيل هوية جديدة لها من كان بلحاج بسهولة لأنهم يتذكرون كيف قاتل جنباً إلى جنب مع زعيم تنظيم “القاعدة” المقتول أسامة بن لادن في أفغانستان فضلاً عن قياديته بالجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة.
وأضاف التقرير بأن هذه الجماعة التي يلفها الغموض تمثل ميليشيا مسلحة ذات إرتباطات بتنظيم “القاعدة” والتي صنفتها الولايات المتحدة في وقت سابق كمنظمة إرهابية فيما تم إعتبار بلحاج مصدر خطر كبير وتم إعتقاله وإستجوابه من قبل وكالة الإستخبارات المركزية الأميركية في آسيا بعد هجمات الـ11 من سبتمبر عام 2011 وتم تعذيبه لاحقاً في سجن ليبي بعد أن تم تسليمه فيما يقف بلحاج اليوم كلاعب رئيسي في التنافس بين من وصفهم التقرير بـ” العلمانيين” والإسلاميين لخلق روح جديدة لليبيا.
وتطرق التقرير إلى ما يمثله بلحاج ورفاقه من نموذج نادر يبين رجال ميليشيات سابقين مرتبطين بتنظيم “القاعدة” لم ينجحوا في نيل الشرعية فحسب بل نالوا أيضاً القدرة على رسم مصير أمة فيما وصفتهم الخبير بالشأن الليبي في مجموعة الأزمة الدولية “كلاوديا غازيني” بالمنخرطين بقوة في إدارة المشهد السياسي بالعاصمة طرابلس طارحةً سؤالاً مقلقاً بشأن بعضهم وهو: هل تخلوا فعلاً عن ثوبهم الجهادي؟ فالمسار الذي إتبعوه يمثل مساراً عربياً فريداً من نوعه.
وأضاف التقرير بأن هؤلاء نشطوا خلال فترة الحرب الباردة ومن ثم خضعوا لقمع من وصفته بـ”حاكم إستبدادي” مثل معمر القذافي فيما لعب بلحاج ومن معه أدواراً حاسمة إبان الربيع العربي والتي قادت إلى إسقاط وقتل من وصفه التقرير بـ “المستبد القوي” منذ ما يقارب الـ6 أعوام مبيناً بأن بلحاج الذي يبحر وسط الإنقسامات المناطقية والقبلية في ليبيا بات يتمتع بالنفوذ والمال ومع ذلك فهو ما زال شخصية مخيفة ومثيرة للجدل على نطاق واسع ويعتبر واحداً من أمراء الحرب وعقلاً مدبراً إرهابياً فحتى داعميه يرسمون صورة له تبينه كنموذج يتم إساءة فهمه.
من جانبه قال المتحدث بإسم مجلس النواب عبدالله بليحق بأن بلحاج يمثل تهديداً الآن وسيكون كذلك في المستقبل لأنه متبوع من قبل عدد من الميليشيات المسلحة وسيكونون على الدوام ضد مبدأ ترسيخ الدولة خوفاً على مصالحهم.
وتحدثت الصحيفة عن اللقاء الأول الذي جمع مراسلها مع بلحاج بالعاصمة طرابلس في مايو من العام 2010 خلال فترة التعذيب والتسليم حيث وصفه بالمهندس المدني تحت التدريب والذي تم فيما بعد إطلاق سراحه ومن معه من قادة الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة في إطار برنامج لإعادة تأهيل المتطرفين قام عليه نجل القذافي سيف الإسلام في مقابل التعهد بالتخلي عن العنف والعمل على تشويه صورة تنظيم “القاعدة”.
ونقلت الصحيفة عن سامي الساعدي العضو المؤسس للجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة الذي إلتقى به مراسلها في حينها قوله بأن العديد من الليبيين والديبلوماسيين الغربيين كانوا مرتابين لأن بلحاج ورفاقه كان من بين جموع الليبيين الذين ذهبوا إلى إفغانستان لمحاربة القوات السوفيتية فيها وإلتقوا بزعيم التنظيم المقتول أسامة بن لادن في معسكر للتدريب فيما أقر الساعدي بتأثير ورع وتقوى بن لادن عليه.
وأضاف التقرير بأن بلحاج عاد إلى ليبيا بعد ذلك في أوائل تسعينيات القرن الماضي وهناك أطلق الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة لإزاحة القذافي وتغيير نظام الحكم في ليبيا إلى دولة إسلامية وأعقب ذلك تمرد منخفض المستوى وفشل 3 محاولات لإغتيال القذافي ومنذ ذلك الحين عرف بكنية أبو عبد الله الصادق فيما تمكن نظام القذافي من سحق الجماعة في أواخر التسعينيات وهرب على إثر ذلك بلحاج ورفاقه إلى أفغانستان وباكستان حيث عقدوا تحالفات مزيفة مع تنظيم “القاعدة” وحركة طالبان وفقاً للسلطات الليبية والخبراء.
وأشار التقرير إلى إقرار بلحاج بهذه الإرتباطات وإنكاره مسألة كونه مقرباً من أي مجموعة فيما شهدت الشهور التي سبقت تنفيذ هجمات الـ11 من سبتمبر عام 2001 قيام بن لادن بحض الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة على الإنضمام إلى جهوده لإستهداف الولايات المتحدة وحلفائها ليرفض بلحاج ومجموعته ذلك معللين الأمر بأن هدف المجموعة الوحيد هو إزاحة نظام القذافي وليس إستهداف الولايات المتحدة وهو ما أسر به بلحاج لمراسل الصحيفة وأخبره لقادة تنظيم “القاعدة” إلا أن الجماعة إنقسمت في حينها وإنضم بعضها لبن لادن.
وأضاف التقرير بأنه في أواخر العام 2001 ومع هلاك حركة طالبان وبروز بن لادن في المشهد هرب العديد من قادة الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة من المنطقة فيما تم بعد 3 أعوام من ذلك التاريخ إعتقال بلحاج وزوجته الحامل في العاصمة الماليزية كوالالامبور وتم أخذهما إلى محطة للإستخبارات المركزية الأميركية في تايلاند في وقت كان فيه الساعدي وآخرين قد تم إعتقالهم في أماكن أخرى من قارة آسيا ومن ثم تم تسليمهم إلى الحكومة الليبية .
وتطرق التقرير إلى مسألة وضع هؤلاء في سجن أبو سليم الذي وصفه التقرير الامريكي بـ”سيء الصيت” في العاصمة طرابلس لمدة 6 أعوام فيما ذكر بلحاج لمراسل الصحيفة بأن قد تعرض للضرب وتم تعليقه من ذراعيه على الجدران وتم حرمانه من الطعام والتعرض لأشعة الشمس ليقوم بعد ذلك بمقاضاة الحكومة البريطانية على لعب دور مزعوم في عملية إعادته إلى ليبيا مشيراً إلى أن المحققين بمنظمة هيومن رايتس ووتش أيدوا مستشهدين بالوثائق التي عثروا عليها في ليبيا إدعاءات بلحاج بشأن تسليمه لوكالة الإستخبارات المركزية الأميركية وتعذيبه بسجن أبو سليم.
وأضاف التقرير بأن بلحاج ورفاقه قاموا بعد ذلك وبتشجيع من الإسلاميين المعتدلين وسيف القذافي بوضع بيان يندد بمعتقدات تنظيم “القاعدة” وهجماته ضد المدنيين في الغرب فيما أسر بلحاج لمراسل الصحيفة عام 2010 بالقول بأن العمليات الجهادية التي يتم شنها ضد القوات الأميركية في العراق وأفغانستان تبقى أعمالاً مقدسة وتمرداً قانونياً لأنها تتم ضد محتلين ليتم بعد عام واحد من اللقاء معه إندلاع ثورات الربيع العربي ليحصل بلحاج ورفاقه ومن هم ضد القذافي على أدوار قيادية.
ومضى التقرير بالحديث عن مرحلة التأثير والثراء لبلحاج بعد أن أصبح قائداً لكتيبة طرابلس وهي ميليشيا متمردة تمكنت في الـ22 من أغسطس عام 2011 من الدخول إلى مجمع باب العزيزية معقل القذافي والعصب النابض لقوته فيما قام بلحاج ومن معه خلال الشهور السابقة لهذا الحدث وبدعم على شكل ضربات جوية من طيران حلف شمال الأطلسي “ناتو” بقيادة معركة ضد قوات القذافي وكانوا على وشك السيطرة على العاصمة طرابلس بعد أن انسحب القذافي شرقاً.
وأضاف التقرير بأن بلحاج تمكن بعد ذلك من الجلوس على كرسي القذافي وقال بعد ذلك بأن الجلوس في باب العزيزية كان دائماً الحلم وبعد أن نهض من الكرسي وضع في جيبه نظارة قراءة القذافي ومن ثم قام بتسليمها لاحقاً وفقاً لما قاله إلى أب لرجل تم تعذيبه وقتله في سجن أبو سليم مشيراً إلى أن بلحاج تم تسميته بعد ذلك رئيساً للمجلس العسكري بطرابلس وهو اللجنة المسؤولة عن حفظ النظام في العاصمة بعد مقتل القذافي على يد المتمردين بعد أقل من شهرين من السيطرة على طرابلس.
وتحدث التقرير أيضاً عن إنضمام بلحاج لاحقاً بالمجلس الأعلى للأمن التابع للمتمردين فيما إنضم الأعضاء الآخرون في الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة إلى الحركات الإسلامية وأداروا معسكرات الشباب الدينية والدعوة إلى قوانين الشريعة الإسلامية الصارمة مشيراً إلى قيام الساعدي بتأسيس حزب سياسي فيما تم إختيار نائب أمير الجماعة لمنصب نائباً لوزير الدفاع في حكومتين أتت بعد سقوط نظام القذافي.
وأضاف التقرير بأن بلحاج أصبح عاملاً مؤثراً وحليفاً مع حكومة الوفاق المدعومة من قبل الأمم المتحدة وهي واحدة من 3 حكومات تدير البلاد فيما قام بلحاج والأعضاء الآخرين بدعم عملية فجر ليبيا التي سيطرت خلالها مجموعة من الميليشيات الإسلامية في وقت قصير على العاصمة طرابلس وأعلنت حكومتها الخاصة وإنقسم الرأي العام بشأن عملها هذا مشيراً إلى أن الخبير بالشأن الليبي في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية “ماتيا توالدو” أكد وجود عداء عميق الجذور تجاه فكر الإسلام السياسي يمتد من عصر القذافي الذي زرع حالة من عدم الثقة بالإسلاميين بعد أن وصفهم بالعملاء للأجانب والمنفذين لأجنداتهم.
وأشار التقرير إلى أن هذا بالضبط هو الصورة التي رسمها أعداء بلحاج له بضمنهم الفصائل التي تقف بالضد من الإسلاميين في شرق ليبيا ومنهم قائد الجيش المشير خليفة حفتر الذي تسيطر قواته على معظم المنطقة الشرقية والذي أعلن بأن بلحاج زعيم لتنظيم “القاعدة” فيما يرى فيه الآخرون عاملاً مع تنظيم “داعش” وبدوره نفى كل هذه التهم مضيفاً بأن بلحاج اليوم يلعب على وتر صلاته الثورية لكسب المال والنفوذ فعلى الرغم من عدم إمتلاكه منصباً سياسياً في الحكومة إلا أن المجموعة الموالية له والمسلحة جيداً تملك السلطة في العاصمة طرابلس.
ونقل التقرير عن غازيني قولها بأن بلحاج يبقى لغزاً للكثير من الليبيين لأنه خرج من دائرة الضوء العام وأبقى تعاملاته السياسية والتجارية سرية ففيما يرى فيه البعض رجل أعمال يختلف الآخر مع هذا الرأي لأنه مازال يتظاهر بالأعمال التجارية ويتخذ منها غطاء لشيء آخر.
من جانبه يرى بليحق في بلحاج واحداً من الذين يمارسون القوة الهائلة من خلال الأموال غير المشروعة فكيف له أن يمتلك شركة للطيران بعد عامين فقط على خروجه من السجن ومن أين أتى بهذه المليارات؟.
وأضاف التقرير بأن بلحاج الذي يقسم وقته الآن في التنقل بين تركيا والعاصمة طرابلس ينفي إمتلاكه لشركة طيران أو أي مشاريع تجارية كبيرة ويقول مبتسماً بأنه لربما إشتبهوا بالأمر بينه وبين رجل آخر يحمل ذات الإسم فيما بين التقرير بأن الطموحات الإنتخابية له بدأت بعد إستقالته من المجلس العسكري بطرابلس وتشكيل حزبه السياسي “الوطن” وهو يعتقد بالديموقراطية ولم يفز بالإنتخابات النيابية التي أقيمت عام 2012.
وتحدث التقرير عن إصراره على إنكار سيطرته الحالية على أية ميليشيا وبأنه داعم للحكومة المدعومة من قبل الأمم المتحدة لأنه لا يريد لليبيا أن تكون خارج حضيرة المجتمع الدولي مضيفاً بأنه تنقل خلال الأشهر الأخيرة إلى سويسرا وجنوب إفريقيا لتشجيع عملية السلام في ليبيا فيما يأمل مناصروه وصوله إلى منصب رئيس الوزراء في حال تم الإستقرار في البلاد بشكل كاف لإقامة الإنتخابات فيها في وقت رأى فيه القيادي البارز في حزب الوطن جمال منصور في بلحاج عاملاً بجد وصريح جداً حينما يتحدث معه أحد وأن أولويته هي ليبيا.
وأضاف التقرير بأن كل ما تقدم لا يمنع ملاحقة ماضي بلحاج له حيث أشيع عن إرتباط منفذ تفجير مانشتر الإنتحاري في مايو الماضي الذي راح ضحيته 22 مدنياً من المحتفلين سلمان العبيدي براديكالية الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة التي إنضم إليها والد العبيدي في وقت نفى فيه بلحاج هذا الأمر قائلاً بأن والد العبيدي لم يكن عضوا في الجماعة ووصف تفجير مانشستر بالجريمة فيما قامت السعودية و3 دول عربية أخرى في يونيو الماضي بوضع بلحاج على قائمة إرهابيين تلقوا الدعم من قطر التي تعرضت في وقت سابق لمقاطعة من دول الخليج ومصر بدعوى تمويلها للإرهاب وهو الأمر الذي نفته الدولة الخليجية الغنية بالغاز.
وتطرق التقرير إلى ردة فعل بلحاج على مسألة وضعه على القائمة حيث قال بأن دوافع سياسية تقف وراء ذلك بعد أن قامت قطر بتمويله بالسلاح وباقي المتمردين ضد القذافي فيما تقوم دول عربية أخرى بدعم الجانب الآخر المعادي للإسلام السياسي وبضمنه قائد الجيش المشير خليفة حفتر مضيفا نقلاً عن بلحاج بأن الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة قد إنتهت فور مغادرة أعضائها السجن وبأنه لم يعد عضوا فيها.
وأختتم التقرير بالإشارة إلى عدم أقتناع بليحق بمسألة نهاية الجماعة الإسلامية المقاتلة وقناعته ببقاء دور يلعبه بلحاج من خلف الكواليس في الأعمال الإرهابية المستمرة التي تقوم بها الجماعة وإن كان ذلك تحت إسم مختلف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق