السبت، 4 أبريل 2015

هؤلاء الذين يذكروننا بالله و بأليم عقابه

اين هم اليوم الذين يخوفون اصحابهم وزملاءهم واصدقاءهم؟
اين هؤلاء الذين يذكروننا بالله و بأليم عقابه ؟ حتى ننزجر ونخاف من الله حق الخوف ؟

اننا فى زمن اذا انبرى رجل صالح ، عالما كان او غير عالم ، اذا انبرى يذكر اصحابه بعقاب الله
وعذابه ، كاد بعض شياطين الانس ان يفترسوه بابصارهم ، وهم يصيحون
أليس عندك الا النار؟ أليس عندك الا الموت ؟ انك تسبب لأصحابك وجلسائك الاكتئاب

اما مراهقو الاعلام ، فانهم يرمونه بسهامهم من قوس واحدة :
ألا تعرف الا لغة النار و الثعابين و الجحيم ؟
ثم يلوون ألسنتهم ويسألون
لماذا لا يتحدث العلماء والدعاة والخطباء عن الجنة وعن سعة رحمة الله ؟

الى اخر هذة الجرأة والسماجة المتكررة من اغيلمة الصحافة وسكارى الشهوات
وكأن الذي ذكر النار والعذاب و العقاب ليس الله تعالى جل جلاله ، و ليس رسوله الكريم

انها ثقافة الموت و ثقافة التخويف ، هكذا يصيح هؤلاء الجهله ، يحذرون من هذة الثقافة
لأنها كما يدعون ، تسبب الاحباط وتخويف الناس و تروع الاطفال
حتى ان أحد السفهاء ذهب ليشتكي على معلم مدرسة ، لأنه وعظ الطلاب البالغين والمراهقين
وخوفهم من عذاب الله ان لم يلتزموا باداء الصلاة ، ودخل الأب هائجا مائجا على ادارة
المدرسة وهو يصيح : هذه المدرسة للتعليم و ليست للتخويف
أهذا هو التعليم الذى يريده هؤلاء السفهاء و الجهله ؟

انه لمن العجيب ، اذا وعظ عالم عشرات المرات بالرحمة و الرجاء والجنة ثم وعظ ولو
لمرة واحدة بالنار، هب هؤلاء عليه وسلقوة بالسنة حداد على طريقة المنافقين

ودعونا ننظر الى القران الكريم الذي هو مصدر الهداية للبشريه، سنجده مليئا بالتخويف
من عقاب الله و عذابه كما هو مليء بسعة رحمة الله
ان الناس كلهم ، مؤمنهم و كافرهم ، برهم و فاجرهم ، صالحهم و طالحهم ، كلهم بحاجة
ماسة الى التفكير بمقام الخوف من الله و عذابه و عقابه

و تشتد الحاجة الى مثل ذلك اذا زادت الغفلة بين الناس وكثر فيهم التعدي على شرع الله
و الانغماس فى الدنيا و الشهوات ، وشيوع المنكرات، كما هو حاصل اليوم
اما الجهلة ، فكلامهم لا يساوي فلسا فى ميزان شرع الله ، بل هو اعتر اف منهم بجهلهم
الفاضح لشرع الله ، وجرأتهم المقيته والقبيحه على من يمتثل امر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم

الخوف من الله مقام عظيم وصفة من صفات المتقين، فهنيئا لمن رزقه الله هذه الصفة
لأنها ثمرة الايمان بالغيب ونتيجة لتعظيم الله عز و جل فى القلوب
واقرأ اذا شئت قول المولى عز وحل ولمن خاف مقام ربه جنتان
وقوله تعالى انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله و جلت قلوبهم

ايها المسلم ، يا من تحب الجنة و تشتاق اليها : اتظن ثمنها رخيصا الى هذا الحد ؟
اذا سألت نفسك مر ة فاسألها : أيتها النفس ،هل تخافين الله حقا ؟
و ما علامة هذا الخوف ؟ و ما ثمرة هذا الخوف ؟
هذة الصفة ايها الاخوة ، ميزت افضل الخلق و سادة البشر، ألا وهم الانبياء عليهم السلام
يقول الله تعالى : انهم كانوا يسارعون في الخيرات و يدعوننا رغبا و رهبا و كانوا لنا خاشعين

اما الملائكة ، هذا العالم الغيبي ، العالم المهيب الذي لا تتصوره عقول الناس ، والذين
لا يعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون و يسبحون الله بالليل والنهار و لايفترون
فأن المولى يصفهم قائلا يخافون ربهم من فوقهم

خشية الله تعالى في السر والعلن هي التى جعلت اسلافنا الصالحين يطبقون الاسلام كما اراده
الله تعالى لأنها سر من اسرار العبودية

و الله ، ان من عرف الله بأسمائه وصفاته ، وأدرك عظمته و جبروته وسلطانه
فانه لا شك سيخاف منه حق الخوف ، واذا وجد الخوف فى القلب ، فان هذا والله هو
النعيم العظيم الذى يمتد الى نعيم الجنة باذن الله تعالى

انه خوف مخلوط برجاء ، فأنت تخاف الله و ترجو ما عنده من رحمة وثواب عظيم 
 و لكن كن على حذر، فالرجاء بدون عمل و خوف واجتهاد لا قيمة له
قال تعالى : واما من خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى فان الجنة هى المأوى
ان الخوف من الله معاملة شعارها الصدق 
، لا يكون فيها الغش والتدليس، لأن هنالك علامات
تصدق الخوف من الله 
، والا فانه ادعاء وكذب ، لأن الخائف من الله نجده دائما مستيقظ القلب
خائف من عذاب الله ، مشفقا من هذا العذاب ، مشفقا من ان يكون خسر الدنيا و الاخرة

والخائف الصادق ، تجده دائم المناجاة لربه ، كثير الاستغفار، كلماته محسوبه ، يفكر قبل
ان يتكلم وأن يفعل، و يحاسب نفسه بعد القول والفعل ، فخوفه من ربه اشغله بنفسه عن
الناس ، فهو دائم العمل الصالح
يقول تعالى : تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون

فتش أخي الحبيب عن هذة الصفة فى نفسك ، ففيها سر النجاة ، كما قال تعالى
ان الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة واجر كبير
وقال تعالى
وازلفت الجنه للمتقين غير بعيد ، هذا ما توعدون لكل اواب حفيظ ، من خشى الرحمن
بالغيب و جاء بقلب منيب

ثبت فى الصحيحين حديث يعرفه معظم المسلمين ، هو حديث السبعة الذين يظلهم الله
في ظله يوم القيام ، يوم لا ظل الا ظله ، ولو تأملنا فى صفة هولاء السبعة لوجدنا
ان الغالب بينهم ، وأن الصفة التي تجمعهم ، هي صفة الخوف من الله تعالى

عن أبي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال
سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله
إمام عادل ، وشاب نشأ بعبادة الله ، ورجل كان قلبه معلقا بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه
ورجلان تحابا في الله فاجتمعا على ذلك وتفرقا ، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه
ورجل دعته امرأة ذات حسب وجمال فقال : إني أخاف الله عز وجل
ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمين

ويقول ابن حجر رحمه الله تعالى ، عند قول النبى صلى الله عليه و سلم
ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه
خاليا يعنى من الخلو
، لانه يكون حينئذ ابعد ما يكون من الرياء ،وخاليا من الالتفات لغير الله
حتى ولو كان فى جمع من الناس

فقد يكون الانسان فى المسجد او بين الناس فيذكر عظمة الله فيخاف من الله ، فتدمع عيناه
وهو بين الناس ومعهم ، ولكنه ما التفت اليهم ، ولا احس بهم لان قلبه تعلق بالله

ان الخوف من الله عبادة قلبيه ترفع العبد الى مقام عظيم ، وتدفعه الى الحرص والجد
والاقبال على الطاعة والهروب والفرار من المعاصي

قال صلى الله عليه و سلم : من خاف ادلج ومن ادلج بلغ المنزل
و قال عبيد الله بن جعفر: ما استعان عبد على دينه بمثل الخشية من الله

ما اجمل ان تخاطب نفسك دائما و ابدا اذا طلبت معصية ان تقول لها : اني اخاف الله
نسأل الله ان يرزقنا الخوف منه فى الغيب و الشهادة والسر والعلن

ليست هناك تعليقات:

عجائب الإنسان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ   عجائب   الإنسان ـ كمية الحرارة التي تنب...