أبو بكر الصديق رضي الله عنه 3 - 3
وفيما كتبه الأستاذ عباس محمود العقاد في عبقرياته
أن الصديق كان ثاني اثنين في الإسلام وثاني اثنين في الغار
وثاني اثنين في الهجرة وثاني اثنين في تولي أمر المسلمين .
وقد سئل ابن عباس رضي الله عنهما
عن أول من أسلم فقرأ قول حسان :
[ والثاني التالي المحمود مشهده
وأول الناس ممن صدقوا الرسلا ]
والصديق رضي الله عنه لم يكتف بالإسلام ومتابعة
النبي صلى الله عليه وسلم وإنما جند نفسه وأهله وماله
لخدمة هذا الدين وجعل من بيته مركزا لنشر الدعوة
فقد قالت الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما
عائشة أم المؤمنين :
[ ما عقلت أبوي إلا وهما يدينان الدين وما مر علينا يوم قط
إلا ورسول الله يأتينا فيه بكرة وعشيا . ]
كما جاء في الأخبار الصحيحة :
أنه بعث النبي صلى الله عليه وسلم وعند أبي بكر أربعون ألف درهم
فكان يعتق منها ويقوي المسلمين حتى قدم المدينة بخمسة آلاف درهم
ثم كان يفعل ما فعل بمكة .
بل لقد لقي الصديق وهو يناصر الرسول صلى الله عليه وسلم
من أذى قريش الشيء الكثير مثال ذلك ما حدث عندما ألح ذات يوم
على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج لإظهار الدعوة
فاستجاب له وخرج مع الصحابة إلى ندوة القوم وقام الصديق
يخطب داعيا إياهم إلى الهدى فثاروا به وبالمسلمين ووطئ الصديق
يومئذ بالأرجل وضرب بنعلين مخصوفين على وجهه وجبهته
حتى سوي أنفه وجهه ، ونقل إلى بيته كالميت ، ولبث يومه لا يعي
حتى إذا تكلم كان أول ما حرك شفتيه سؤاله عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أقسم أن لا يذوق طعاما ولا شرابا
حتى يراه وحمل إليه ليلا في دار الأرقم فما إن رآه
صلى الله عليه وسلم حتى أكب عليه يقبله وأكب عليه إخوانه يقبلونه
ونسي أبو بكر آلامه بعد أن اطمأن على
رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطمئنه قائلا :
[ بأبي أنت وأمي يا رسول الله
ما بي من بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي ]
ويذكر الأستاذ خالد محمد خالد -رحمه الله-:
[ إن إيمان أبي بكر كالنسمة الوديعة الرقراقة ، ننشقها دون أن نحسها
ودون أن تثير فينا الانتباه ، ولكن حين تعرض لأحد أزمة اختناق
ندرك أن هذا الشيء الذي كان عاديا ، هو سر الحياة وكل الحياة
كذلك سيعيش أبو بكر بإيمانه بين الناس هادئا وديعا. ]
السطر الأخير :
وما السعادة في الدنيا سوى شبح
يرجى فإن صار جسما مله البشــر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق