ماذا قدمنا لها
هناك شريحة غالية على قلوبنا ، بل وبكل صراحة منسية في مجتمعنا ,
قليل جداً الحديث عنها وإليها , لكن هذا واقعنا ودعونا نتكلم ،
وبكل صراحة عن مشاكلنا وقضايانا بوضوح وبدون مجاملة
هي فئة غالية على قلوبنا نعم ، نتحدث , نتكلم , نتحاور , نتناقش , نعم
لكن تبقى فئة الأرامل والثكالى اللاتي فقدن العائل والمساعد لهن ،
تبقى في الحياة منسية جداً
اسمحوا لنا أن نقول لكم عن هذه الفئةالغالية على قلوبنا ،
ماذا قدمنا لها ؟
ماذا فعلنا لها ؟
هناك عدد كبير من النساء الأرامل اللواتي يصارعن الحياة بشدتها ,
بل إن أشد وأقوى الرجال ما استطاع أن يتحمل وهو يعمل , ويكد ,
ويتعب , وربما تكون النفقة قليلة
لكن في المقابل المرأة ماذا تفعل ؟
عندها أطفال صغار وأولاد تتمنى أن تصرف عليهم
هذه الأخت أسمت نفسها نورة
تتحدثت عن معاناتها فتقول :
نحن منسيات في المجتمع بل حتى وصفت نفسها
أنها في المجتمع مظلومة
كم نحن منسيات ومن المجتمع مظلومات
وفي بيوتنا لوحدنا متعففات قلوبنا مكسورة , مشاعرنا مجروحة ,
نتكبد المشقة في صراعات الحياة..
أنا أم لأيتام فهل عرفتموني ؟
كم كنت أتمنى أن أسمع خطيب جمعة يتحدث عني ، أو داعية
أنا مستمعة لإذاعة القرآن الكريم بشكل مستمر،
لم أسمع يوما من الأيام حديثا أو موعظة عن أم الأيتام
تكمل نوارة معاناتها :
عمري تسعة وعشرون عاماً توفي زوجي في حادث سيارة ,
وترك لي أربعة بنات حاولت مع الأعمام أن يهتموا بالبنات الصغار ؛
لأنهن يبقين يحملن اسم العائلة
كان رد أحدهم
أن يتزوجني أو أن يتركني أنا وبناتي ،
تقول :
أنا لا أحب أن أتزوج بعد زوجي , فضاقت بي الأرض حتى انتهت العدة
التي كانت أربعة أشهر وعشرة أيام , لم أعد أملك ولا ريالاً واحداً ,
وخاصة إن حالة أهلي المادية سيئة جداً
لم أعد أعرف إلى أين سنذهب ؟
وإلى من ؟
في يوم من الأيام و في ليلة من الليالي ، كانت الساعة العاشرة من الليل
جمعت البنات وذهبت إلى جدهم في بيته , كان هذا الجد عمره ثمانين سنة ,
كان كفيف البصر , وأخبرته بالقصة , ووضحت له حقيقة وضعي
ومأساتي التي أعيشها ( وهذا مع الأسف مشاهد في مجتمعنا كثيرا ،
من اللواتي توفي أزواجهن يُنسين من الأعمام , من الآباء , من الأجداد ,
مع الأسف الشديد )
تكمل نوارة سرد معاناتها :
كنت أقص على جد البنات معاناتي وكيف لا يرحمون هؤلاء البنات الصغار,
بكى أمامي وأمام بناته , ومد يديه يناديهم فلانة فلانة ,
ثم أخذهم وقبلهم وحضنهم سبحان الل ه,
وقال :
أبشري يانورة لن يكون إلا الخير , ثم أدخل بيده في حقيبته ،
وكانت بجانبه ، وأخرج منها مبلغا ووضعه في يدي ,
وكان خمسة عشر ألف ريال ، وطلب مني أن أعود للبيت مع السائق ،
ولا يعلم أحد كان من كان حتى إخوان زوجي
بعد أسبوع اشترى لنا هذا الجد بيتاً وكتبه باسم البنات الصغار ,
وكتب لهن محل تموينات ، وأربع شقق مؤجرة بــ مئتي ألف ريال سنوياً ,
ثم بعد عشرة أيام , علم إخوان زوجي بما فعله الجد , وغضب الأعمام
وأتوا عند الوالد الذي هو جد البنات ,
وقالوا:
كيف تفعل ذلك مع زوجة أخينا ؟
فما كان من هذا الجد إلا أن جاءني مرة ثانية ,
وقال لي :
أنه جاءلي أولادي وقالوا ما قالوا , وأنا خائف عليك فأنصحك بنصيحة ,
قالت نوارة :
ماذا تريد مني ؟
قال الجد :
أن تتزوجي فلان , رجل طيب , وملتزم , ويحفظك وأنا أزكيه ،
قالت نوارة :
الزواج أنا لا أريده
قال الجد :
يا بنيتي الزواج أستر لك ، ولعله يأتيك ولد يكون سنداً لأخواته ،
فأستمعت نوارة لكلام الجد وهو يتكلم بحرقة ,
فأكمل الجد كلامه :
لها يا بنيتي كلها أيام وأموت , وأريد أن أطمئن عليك وعلى أحفادي
تقول نوارة :
تزوجت وقضيت أجمل أيام حياتي بعد وفاة زوجي الأول ,
أرجوكم لا تنسونا نحن أمهات الأيتام , فنحن محتاجين للزوج
مثل أي امرأة , ونرجو من أهلنا وأعمام أولادنا أن يتفهموا ذلك ,
وأن لا يحرموننا الزواج بحجة تربية الأولاد , وإدخال رجل غريب
على بيت أخيهم المتوفى , أرجوكم اهتموا بنا نحن الأرامل وأمهات الأيتام
أنها قصة مبكية , وحادثة مؤسفة , عاشتها أختنا الكريمة,
صحيح أنها أبدعت في عرض قصتها ومعاناتها ,
واسمحوا لنا بعد سماعنا لهذة القصة ان نتسائل
لماذا الأرملة في مجتمعنا يحرم عليها الزواج ؟!
لماذا لو تزوجت فإن أهل أولادها سيأخذون منها أولادها؟
بل هناك حالات لأرامل لما تزوجن حرمن من أولادهن ،
بل حتى من الميراث ، وربما مورس عليهن الضغوطات للتنازل ,
وتقديم الاعتذار مع أنهن صاحبات حق
رأيتم في هذه القصة كيف غاب عنها إخوان زوجها المتوفى
بل هددوها بما لا تحمد عقباه إن تزوجت غيرهم ،
بل لو تقدمت بطلب شيء من حقوقها
سيكون هناك نتيجة سيئة جداً..
هناك قصة أخري لأمرأة أرملة طردوها أهل زوجها من شقتها ؛
لأنها كانت تريد الزواج ,
فلتتخيلوا أين سكنت ؟
سكنت في ملحق في السطح هي وصغارها ,
حتى منّ الله عليها بزوج طيب تزوجها ,
وستر عليها , وربى صغارها
ألهذه الدرجة تحارب الأرملة حين تريد الزواج ؟
أليس حقا لها أن تتزوج وأن يبقى معها أولادها ؟
لكن هي الدنيا وهي دول , وللظالم لحظة ويوما سيندم ،
ولآت حين مندم , فدعوة لكل من ظلم زوجة أخيه الأيتام أو أيتامه ,
أن يتق الله قبل فوات الأوان , وأن يعيد الحقوق إلى أهلها ,
فالحياة سلف ودين كما يقال , ولن يضيع الله دعوة رفعتها
أرملة مسكينة , أو ثكلى لله عز وجل وهي من لا حيلة لها ولا قوة
قال تعالى :
وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ
تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ
لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ *}
[ إبراهيم : 42 , 43 ]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق