الأربعاء، 21 نوفمبر 2018

علم الإنسان مالم يعلم

انتسب إلى مدرسة الله

إن أعظم مدرسة في الوجود هي مدرسة الله، لأن المعلم والمربي فيها هو الله، فجميع أنبياء الله وأحبابه دخلوا هذه المدرسة الإلهية فاستحقوا عطاء الله الأكبر، فخرجوا منها بكمال الإيمان والعلم فكانوا هم أسعد الناس، وأكمل بني البشر، وخرجوا منها هداة مهدين فكانوا هم سادة العالم وأعظم بني البشر، وفتح الله الدنيا على أيديهم، وكانوا مبعثا للأنوار الإلهية التي انعكست أنوارها في قلوب البشر، فما ظنك بمدرسة الله استاذها ؟! هذه المدرسة الإلهية هي مدرسة ذكر الله.


إن من لم يدخل مدرسة ذكر الله لن يعرف الإيمان الحقيقي ولن يتذوق طعمه، ولن يكون عظيما ولا ناجحا ولا سعيدا لافي دنياه ولا في آخرته حتى ولو تعلم كل علوم الأرض وحفظ كل الكتب... 


إن أعظم من انتسب لهذه المدرسة هو سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقد دخل اعتزل الناس ودخل إلى الغار وبقي فيه لمدة 3 سنوات، فكان يذكر الله ذكرا كثيرا متواصلا شوقا إلى الله ومحبته فيه، وبعد هذا الذكر الطويل والشوق منه إلى الله اختاره الله واصطفاه على بنى البشر، وأنزل عليه الفضل الإلهي وهو القرآن الكريم، وعلمه الله علم الأولين والآخرين مع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان أميا لايقرأ ولايكتب، قال الله تعالى: (اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم * علم الإنسان مالم يعلم)، أي اطلب العلم بكثرة ذكر الله.
وأنت أيضا تستطيع أن تدخل هذه المدرسة الإيمانية الآن لتنل الفضل الواسع من الله عزوجل في الدنيا والآخرة ولتنل السعادة الكبرى من الله، هذه المدرسة لاتحتاج إلى قراءة أو كتابة، هذه المدرسة تحتاج فقط إلى (كثرة ذكر الله في خلوة). الذكر الكثير أقل مايمكن ساعة في اليوم.
 
طريقة ذكر الله :
اجلس في الصباح بعد صلاة الصبح، ومساء قبل صلاة المغرب (وهو أفضل وقت للذكر)، أو في أي وقت آخر تستطيع أن تكون فيه في مكان بمفردك، وتعطر برائحة زكية، والبس ثوبا نظيفا، وأطفئ النور، واغمض عينيك، وتوجه بقلبك إلى الله، واشعر بأن الله حاضر معك، واشعر بقدسيته، وهيبته، ومحبته، وعظمته، وخشيته تملأ قلبك، واجعل حب الله يسري في قلبك وروحك وعقلك ووجدانك وقل وكرر (لاإله إلا الله) لمدة نصف ساعة صباحا، ونصف ساعة مساءا على الأقل، أو ساعة كاملة في جلسة واحدة، واجعل هذا المجلس يوميا ومقدسا عندك ولاتقطع هذا الذكر ولايوم،  ولكن يجب قبل ذلك أن تعلم معنى (لا إله إلا الله)، ومعناها أنه ليس هناك معبود إلا الله، ولا رازق إلا الله، ولا معطي إلا الله، ولا مانع إلا الله، ولا ضار إلا الله، ولا نافع إلا الله، ولا أحد بيده الخير إلا الله، ولا يتصرف في هذا الوجود إلا الله، وإذا أحبك الله أعطاك كل ماتحب وتتمنى في الدنيا والآخرة، لكن اذكر الله محبة فيه وإخلاصا له، وتعلقا فيه.

من بعض فوائد ذكر الله:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من قال لا إله إلا الله صادقا بها دخل الجنة)، وقال رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم: (من قال لا إله إلا الله غرست له شجرة في الجنة من ياقوتة حمراء منبتها في مسك أبيض أحلى من العسل و أشد بياضا من الثلج و أطيب ريحا من المسك فيها ثمار أمثال أثداء الأبكار تفلق عن سبعين حلة)، يقول الله سبحانه وتعالى: (اذكروني أذكركم)، ويقول الله تعالى أيضا: (أنا جليس من ذكرني)، ورسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (من أكثر ذكر الله أحبه الله)، فإذا ذكرك الله، وأحبك، وكان معك، فمماذا تخاف؟ ولأي الأمور تحزن؟ ولأيها تهتم؟! فإذا كنت فقيرا وذكرت الله ذكرك الله بفضله وأغناك بكرمه وجوده، وإذا كنت متضايقا وذكرت الله ذكرك الله بجوده ووسع الدنيا عليك، وإذا كنت متعبا وذكرت الله ذكرك الله برحمتك وأراحك، وإذا كنت مهموما وذكرت الله ذكرك الله وفرج عنك برحمته، واذا كنت قلقا وذكرت الله ذكرك الله وأدخل الطمأنينة على قلبك، واذا كنت حزينا وذكرت الله ذكرك الله وأدخل السرور إلى قلبك، وإذا كنت ضعيفا وذكرت الله ذكرك الله بقوته وزاد في قوتك، وإذا كنت مكتئبا وذكرت الله ذكرك الله وشرح صدرك، وإذا كنت وحيدا وذكرت الله ذكرك الله بحبه وآنسك، وإذا كنت خائفا وذكرت الله ذكرك الله وجعلك في مأمن، وإذا كنت مريضا وذكرت الله ذكرك الله برحمته وشفاك. وكما ترى فإن جميع تلك المشاعر المؤلمة والمحزنة مكانها القلب ولهذا يقول ربنا جل اسمه الأعظم وتباركت صفاته سبحانه وتعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، فذكر الله هو كل شيء وهو الخير كله والسعادة كلها. أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام: (اطلبني تجدني ، فإن وجدتني فقد وجدت كل شيء وإن فقدتني فقدت كل شيء)،  فافهم ذلك تكون من السعداء، فبهذا الذكر والانقطاع مع الله تصل إلى السعادة الحقيقة بكاملها ومن دونه لن تصل لشيء.

إن ذكر الله هو أعظم شيء في الكون، فهذا هو كنزك الحقيقي في الدنيا والأخرة، وهو سر وصالك مع الله، وهو سر سعادتك الحقيقية والأبدية التي ستتذوق طعمها إن شاء الله وتراها بعينيك في الدنيا والآخرة، وهو الكنز الذي سيحقق لك ماتريد، وهو طريق الجنة، والفوز الأعظم، وطريق رضى الله الأكبر،  وأسرع طريق للوصول لمحبة الله،  ومن دون ذكر الله ستكون من الخاسرين بدون أدنى شك، فالله سبحانه يقول: (يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون)،  فاعرف قدر هذا الكنز ولا تخسره فتهلك نفسك في الهموم والأحزان والآلام في الدنيا وتكون من الخاسرين في الدنيا والآخرة. أوحى الله تعالى إلى سيدنا داود عليه السلام: (أخبر أهل الأرض بأني حبيب لمن أحبني، جليس لمن جالسني، مؤنس لمن أنس بي) فإن استطعت أن لايسبقك إلى الله أحد فافعل.
والآن....... وبعد أن عرفت هذا السر العظيم، والكنز النفيس، وعرفت عظمة ذكر الله، وعرفت مصيبة عدم ذكر الله، ماذا قررت أن تفعل؟ هل ستنسى فور انتهائك من قراءة هذا الإيمل ؟ أم أنك ستأخذ المبادرة فورا من هذه اللحظة وتبدأ بذكر الله، ولا تتركه؟! هل ستختار أن تذكر الله ؟ أو ستختار أن تذكر الهموم والغموم والأحزان؟! أرجوا أن يوفقك الله لذكره، واعلم أن ذكر الله هو أعظم شيء في الوجود، وهو أعظم العبادات لأن جميع العبادات هدفها ذكر الله، فإن تمسكت به فقد ربحت كل شيء وإن ضاع منك فقد خسرت كل شيء. لذلك ولكي لاتنسى أبدا اذهب إلى السوق الآن واشتر مسبحة واحملها دائما معك لكي تذكرك دائما بالله، وإن استطعـــت ألا يسبقـــك إلى الله أحـــد فافعــــــل، وتذكر دائما أن الناس غرقى والذاكرون على سفينة نوح، وتذكر أنك إذا ربحت الله فقد ربحت كل شيء، وتذكر أنك إذا خسرت الله فقد خسرت كل شيء.
 
يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ان الله وملائكته واهل السموات والارضين حتى النملة في حجرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير)، وقال أيضا: (ألا أخبركم عن الأجود الأجود ؟ الله هو الأجود الأجود، وأنا أجود ولد آدم، وأجودهم بعدي رجل تعلم علما فنشر علمه، يبعث يوم القيامة أمة وحده( وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ليس مني إلا عالم أو متعلم ولاخير فيمن سواهما(، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما بال أقوام لا يعلمون جيرانهم ولا يفقهونهم ولا يفطنونهم ولا يأمرونهم ولا ينهونهم، وما لأقوام لا يتعلمون من جيرانهم ولا يتفقهون ولا يتفطنون، والذي نفسي بيده ليعلمن قوم جيرانهم وليفقهنهم وليفطننهم وليأمرنهم ولينهونهم، وليتعلمن قوم من جيرانهم وليتفقهن وليتفطنن أو لأعاجلنهم بالعقوبة في دار الدنيا(، انشرها لتنال الثواب الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شاء الله.

ليست هناك تعليقات:

عجائب الإنسان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ   عجائب   الإنسان ـ كمية الحرارة التي تنب...